للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يشفع عنده بل يأمره أمرًا والله - عز وجل - لا يشفع لأحد من خلقه إلى أحد لأنه أجل وأعظم من أن يكون شافعًا؛ ولهذا أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك على الأعرابي، وهذا وجه وضع هذا الباب في كتاب التوحيد" (١).

* فائدة: الذي أنكره الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الأعرابي قوله: "نستشفع بالله عليك" ومعناها أي نجعله واسطة بيننا وبينك كأنه قال: نطلب من الله أن يتوسط لنا عِنْدَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا يقتضي أنه جعل مرتبة الله في مرتبة أدنى من مرتبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.

أما قوله: "إنا نستشفع بك على الله" فمعناه صحيح أي نطلب منك أن تكون شافعًا لنا عِنْدَ الله فتدعو الله لنا.

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله -: "وأما الاستشفاع بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته فالمراد به استجلاب دعائه، وليس خاصا به - صلى الله عليه وسلم -، بل كل حي صالح يُرجى أن يُستجاب له فلا بأس أن يُطلب منه أن يدعو للسائل بالمطالب الخاصة والعامة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر لما أراد أن يعتمر من المدينة: "لا تنسنا يا أخي من صالح دعائك" (٢). وأما الميت فإنه يشرع في حقه الدعاء له على جنازته وعلى قبره وفي غير ذلك. وهذا هو الذي يشرع في حق الميت. وأما دعاؤه فلم يشرع، بل قد دل الكتاب والسنة على النهي عنه والوعيد عليه، كما قال تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ


(١) مجموع فتاوى ابن عثيمين ١٠/ ١٠٩٤. وانظر القول المفيد ط ١ - ٣/ ٢٧٣، ٢٧٠.
(٢) أخرجه أبو داود في السنن (١٤٩٨)، والترمذي في الجامع (٣٥٥٧) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>