للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقالوا: إذا تعلقت النفس الناطقة بالأرواح العلوية. فاض عليها منها النور. وبهذا السر عبدت الكواكب، واتخذت لها الهياكل، وصنفت لها الدعوات، واتخذت الأصنام المجسدة لها. وهذا بعينه هو الذي أوجب لعباد القبور اتخاذها أعيادا، وتعليق الستور عليها، وإيقاد السرج عليها، وبناء المساجد عليها. وهو الذي قصد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إبطاله ومحوه بالكلية، وسد الذرائع المفضية إليه. فوقف المشركون في طريقه، وناقضوه في قصده. وكان - صلى الله عليه وسلم - في شق، وهؤلاء في شق.

وهذا الذي ذكره هؤلاء المشركون في زيارة القبور: هو: الشفاعة التي ظنوا أن آلهتهم تنفعهم بها وتشفع لهم عند الله تعالى.

قالوا: فإن العبد إذا تعلقت روحه بروح الوجيه المغرب عند الله، وتوجه بهمته إليه، وعكف بقلبه عليه. وصار بينه وبينه اتصال. يفيض به عليه منه نصيب مما يحصل له من الله وشبهوا ذلك بمن يخدم ذا جاهٍ وحظوة وقُربٍ من السلطان. فهو شديد التعلق به فما يحصل لذلك من السلطان من الإنعام والإفضال ينال ذلك المتعلق به بحسب تعلقه به.

فهذا سر عبادة الأصنام. وهو الذي بعث الله رسله، وأنزل كتبه بإبطاله، وتكفير أصحابه، ولعنهم. وأباح دماءهم وأموالهم، وسبي ذراريهم. وأوجب لهم النار. والقرآن من أوله إلى آخره مملوء من الرد على أهله، وإبطال مذهبهم" (١).

٣ - زيارة شرعية: وهي التي شرعها الإسلام بالشرطين التاليين:

أ - أن لا يشد الرحال إليها.

عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَسُولُ الله: "لا تَشُدُّوا الرِّحَالَ إلَّا إلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الأقصَى" (٢).


(١) إغاثة اللهفان ١/ ٢١٩.
(٢) أخرجه مسلم (٨٢٧) بهذا اللفظ، وأخرجه البخاري (١٩٩٥، ١١٩٧) بلفظ (لا تشدوا).

<<  <  ج: ص:  >  >>