للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الصنعاني رحمه الله بعد أن ذكر أحاديث الإذن بزيارة القبور: "والكل دال على مشروعية زيارة القبور وبيان الحكمة فيها وأنها للاعتبار فإنه في لفظ حديث ابن مسعود: "فإنها عبرة وذكر للآخرة والتزهيد في الدنيا" فإذا خلت من هذه لم تكن مرادة شرعًا" (١).

وقال ابن القيم رحمه الله: "أما زيارة الموحدين: فمقصودها ثلاثة أشياء:

أحدها: تذكر الآخرة، والاعتبار، والاتعاظ. وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك بقوله: "زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة" (٢).

الثاني: الإحسان إلى الميت، وأن لا يطول عهده به، فيهجره، ويتناساه، كما إذا ترك زيارة الحي مدة طويلة تناساه، فإذا زار الحي فرح بزيارته وسرّ بذلك، فالميت أولى. لأنه قد صار في دار قد هجر أهلها إخوانهم وأهلهم ومعارفهم، فإذا زاره وأهدى إليه هدية: من دعاء، أو صدقة، أو أهدى قُربة. ازداد بذلك سروره وفرحه، كما يسر الحي بمن يزوره ويهدي له. ولهذا شرع النبي للزائرين أن يدعوا لأهل القبور بالمغفرة والرحمة وسؤال العافية، فقط، ولم يشرع أن يدعوهم، ولا أن يدعوا بهم، ولا يصلّى عندهم.

الثالث: إحسان الزائر إلى نفسه باتباع السنة، والوقوف عند ما شرعه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فيحسن إلى نفسه وإلى المزور" (٣).

وقسَّم ابن سعدي زيارة القبور إلى نوعين: مشروع وممنوع، فقال رحمه الله: "أما المشروع فهو ما شرعه الشارع من زيارة القبور على الوجه الشرعي من غير شد رحل، يزورها المسلم متبعا للسنة فيدعو لأهلها عموما ولأقاربه ومعارفه خصوصًا، فيكون محسنا إليهم بالدعاء لهم وطلب العفو والمغفرة والرحمة لهم،


(١) سبل السلام ٢/ ٥٧٨.
(٢) أخرجه ابن ماجه عن ابن مسعود بلفظ: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروا القبور فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة". (١٥٧١) ورواه أيضا عن أبي هريرة يرفعه بلفظ:" زوروا القبور فإنها تذكر الموت" (١٥٦٩).
(٣) إغاثة اللهفان ١/ ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>