للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: جمع النظائر باعتبار

«حال المتلقي»

يلجأ المصنفُ في جمع النظائر إلى توسيع دائرة الجمع أحياناً وتضييقها أحياناً أخرى مراعاةً لحال المتلقي، ومن أظهر الأمثلة على ذلك ما قام به ابن قدامة المقدسي في كتبه الأربعة "العمدة" و"المقنع" و"الكافي" و"المغني"، حيثُ ألف "العمدة" للمبتدئين فعمد مراعاةً لحال المبتدئ إلى تضييق دائرة جمع النظائر- وهي هنا المسائل الفقهية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل- فاقتصر فيه على روايةٍ واحدةٍ فقط ليتصور المبتدئ مسائل المذهب.

ثم وسع الدائرة في "المقنع" الذي صنفه لمن ارتفع عن درجة هؤلاء، فعدد فيه الرواية وجرده من الدليل، ليتمرن الفقيه على الاجتهاد في المذهب وعلى البحث عن الدليل.

ثم وسع الدائرة أكثر في "الكافي" الذي صنفه للمتوسطين، فقرنه بالدليل.

ثم أخيراً وسع الدائرة جداً في "المغني" فذكر فيه الدليل والخلاف العالي، والخلاف في المذهب، وعلل الأحكام، ومآخذ الخلاف، وثمرته، ليفتح للمتفقه باب الاجتهاد في الفقهيات (١).


(١) انظر " المدخل" لابن بدران (ص٢٢٠ - ٢٢٣) و "المدخل" لبكر أبو زيد (٢/ ٧١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>