[[١٨٠٨] باب بيان سبب خطأ الجبرية والقدرية في أبواب القضاء والقدر باب]
[قال الإمام]:
عقيدة الجبر ... نشأت عند الجبرية من غلوهم في الإيمان بالقضاء والقدر، وفهمها أو فهمهم لهذه العقيدة فهماً خاطئاً، فاستلزموا من هذه العقيدة الجبر، فقالوا بلازمه في زعمهم أنه كما جاء في بعض أشعارهم:
ألقاه في اليم مكتوفاً ثم قال له ... إياك إياك أن تبتل بالماء
فهذا يصور عقيدة الجبرية، فمن أين جاءت الجبرية؟ من الإيمان بالقضاء والقدر مع الفهم الخاطئ، فعالج هذا الخطأ الفريق الآخر وهو: المعتزلة قالوا: لا سبيل لنا إلى إبطال الجبر إلا بما اتكئوا عليه من الإيمان وهو القدر؛ إذاً: لا قدر، كلاهما على طرفين نقيض، وكلاهما على مذهب أبي نواس: وداوني بالتي كانت هي الداء، وأنا أرى أن كثيراً من العقائد يساء فهمها فتعالَج على هذا المذهب المنحرف عن الحق، وقد يقع في مثل هذا كثير من كبار العلماء المشهورين، يدفعهم في ذلك إساءة العامة وربما بعض الخاصة فهم العقيدة الصحيحة فيضربون سوء الفهم بضرب العقيدة الصحيحة.
لاشك أنكم تعلمون أن من العقائد الصحيحة التي توارثها الخلف عن السلف: الإيمان بنزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، ويقترن معه الإيمان بخروج المهدي، نعم.
نعود إلى أصل المسألة عن القدر، فكيف عالجت المعتزلة الجبر معالجة سيئة وذلك لما لم يستطيعوا أن يفهموا القدر الإلهي فهماً لا يستوجب الجبر، بل