للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٠١] باب لا يعلم الغيب إلا الله

وبيان الفرق بين الوحي والإلهام

عن جابر قال: «لما حَضر أُحُد دعاني أبي من الليل فقال: ما أراني إلا مقتولاً في أول من يقتل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وإني لا أترك بعدي أعز علي منك، غير نفس رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فإن علي ديناً فاقض، واستوص بأخواتك خيراً، فأصبحنا فكان أول قتيل ودفنته مع آخر في قبر». رواه البخاري.

[قال الإمام]:

ينبغي أن يُعلم أن هذا ليس من قبيل العلم بالغيب، فإنه لا يعلم الغيب إلا الله، ولا من باب إطلاع الله عباده على الغيب، كما يظن كثير من الجهال، فإن الله تعالى يقول: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ}، وإنما هو من قبيل الإلهام الصادق، والفرق بينه وبين الوحي، أن الإلهام غير معصوم من الخطأ والتخلف، بخلاف الوحي فإنه معصوم دائماً، فاحفظ هذا فإنه به تزول مشكلات كثير من الكرامات التي يظن أولئك الجهال أنها من الاطلاع على الغيب، والجزم به كفر، لأنه خلاف القرآن، ولذلك يبادر المتمسكون به إلى إنكار مثل هذه الكرامات بزعم أنها مخالفة للقرآن، فهؤلاء في واد وأولئك في واد والحق ما ذكرنا، والتوفيق من الله تعالى، فعض على هذا التحقيق بالنواجذ، فإنك قد لا تراه في غير هذا المكان.

" تحقيق مشكاة المصابيح" (٣/ ١٦٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>