عندهم مرتبة واحدة، فهم لا يتصورون إيماناً ناقصاً، ولذلك يحاول الكوثري رد هذا الحديث، لأنه بعد تأويله على الوجه الصحيح يصير حجة عليهم، فإن معناه:" وهو مؤمن إيماناً كاملاً ". قال ابن بطال:" وحمل أهل السنة الإيمان هنا على الكامل، لأن العاصي يصير أنقص حالاً في الإيمان ممن لا يعصي " ذكره الحافظ (١٠/ ٢٨).
ومثله ما نقله (١٢/ ٤٩) عن الإمام النووي قال: " والصحيح الذي قاله المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، هذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء، والمراد نفي كماله، كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا ما نيل، ولا عيش إلا عيش الآخرة ". ثم أيده الحافظ في بحث طويل ممتع، فراجعه. ومن الغرائب أن الشيخ القاري مع كونه حنفيّاً متعصبا فسر الحديث بمثل ما تقدم عن ابن بطال والنووي، فقال في " المرقاة "(١/ ١٠٥): " وأصحابنا تأولوه بأن المراد المؤمن الكامل .. "، ثم قال:"على أن الإيمان هو التصديق، والأعمال خارجة عنه "! فهذا يناقض ذاك التأويل. فتأمل.
"الصحيحة"(٦/ ٢/١٢٦٩، ١٢٧٦ - ١٢٧٧).
[٤٩٤] باب الاعتقاد بأن الإيمان مجرد التصديق
دون الأعمال من أقبح الغلط وأعظمه
[نقل الإمام كلاماً لابن القيم في ذلك مقرراً فقال]:
قال بعض المحققين: (المطلوب في المسائل العملية أمران: العلم والعمل، والمطلوب في العلميات العلم والعمل أيضاً، وهو حب القلب وبغضه، حبه للحق الذي دلت عليه وتضمنته، وبغضه للباطل الذي يخالفها، فليس العمل مقصوراً