نزلت في اليهود الجاحدين لما أنزل الله، فمن شاركهم في الجحد، فهو كافر كفراً اعتقاديا، ومن لم يشاركهم في الجحد فكفره عملي لأنه عمل عملهم، فهو بذلك مجرم آثم، ولكن لا يخرج بذلك عن الملة كما تقدم عن ابن عباس - رضي الله عنه -.
وقد شرح هذه وزاده بيانا الإمام الحافظ أبو عبيد القاسم ابن سلام في " كتاب الإيمان "" باب الخروج من الإيمان بالمعاصي "(ص ٨٤ - ٨٧ - بتحقيقي)، فليراجعه من شاء المزيد من التحقيق.
وبعد كتابة ما سبق، رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في تفسير آية الحكم المتقدمة في " مجموع الفتاوي "(٣/ ٢٦٨): " أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله ". ثم ذكر (٧/ ٢٥٤) أن الإمام أحمد سئل عن الكفر المذكور فيها؟ فقال: كفر لا ينقل عن الإيمان مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه.
وقال (٧/ ٣١٢): " وإذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم أنه يكون فيه إيمان وكفر، وليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة، كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى:{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون}، قالوا: كفرا لا ينقل عن الملة. وقد اتبعهم على ذلك أحمد وغيره من أئمة السنة ".
"الصحيحة"(٦/ ١/١٠٩ - ١١٦).
[٦٢٣] باب في تفسير آيات {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ ... }