مثالاً هاماًّ طالما غفلت عن فهمه النابتة المشار إليها فقال رحمه الله تعالى (ص ٣٦٣): وهنا أمر يجب أن يُتفطن له، وهو أن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفراً ينقل عن الملة، وقد يكون معصية: كبيرة أو صغيرة.
ويكون كفراً: إما مجازياًّ وإما كفراً أصغر على القولين المذكورين، وذلك بحسب حال الحاكم؛ فإنه إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب، وأنه مخير فيه، أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله: فهذا كفر أكبر، وإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله، وعلمه في هذه الواقعة، وعدل عنه مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا عاص، ويسمى كافراً كفراً مجازياًّ، أو كفراً أصغر، وإن جهل حكم الله فيها مع بذل جهده واستفراغ وسعه في معرفة الحكم وأخطأه، فهذا مخطئ له أجر على اجتهاده، وخطؤه مغفور.
"التعليق على متن الطحاوية"(ص٦١ - ٦٣).
[[٥٦٠] باب منه]
[نقل الإمام تعليق شارح الطحاوية على قول الماتن:«ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ما داموا بما جاء به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - معترفين، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين». مقررا إياه فقال]:
قال الشارح: يشير الشيخ رحمه الله إلى أن الإسلام والإيمان واحد، وأن المسلم لا يخرج من الإسلام بارتكاب الذنب ما لم يستحله.
والمراد بقوله:«أهل قبلتنا» من يدعي الإسلام، ويستقبل الكعبة، وإن كان من أهل الأهواء، أو من أهل المعاصي، ما لم يُكذب بشيء مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -.