للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[٢٨٩] باب هل يعلم نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - الغيب؟ ونقض قول البوصيري: وإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم]

سؤال: شيخنا! ورد في أثناء الكلام حديث: ستفتحون قسطنطينية، فذكرتم أن هذا من الغيب وهو من أعلام نبوته - صلى الله عليه وآله وسلم -، فما هو رأيكم في ضوء هذا الكلام بقول البوصيري في البردة:

وإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم

هذا كثير من الناس يمدحون به رسول الله عليه الصلاة والسلام ويذكرون أشياء أخرى، فما هو رأيكم؟

الشيخ: هذا صحيح، من كماله عليه السلام وعبوديته لله رب الأنام أنه خشي على أمة الإسلام أن يغالوا فيه كما غلت النصارى في عيسى عليهما الصلاة والسلام، وهذا ما صرَّح به في حديث البخاري ومسلم أيضاً المتفق على صحته، حيث قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبد لله، فقولوا: عبد الله ورسوله» هذا في الحقيقة مما يدل على أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان عبداً لله مخلصاً تمام الإخلاص، لدرجة أنه نهى أمته أن يرفعوه فوق منزلته التي وضعه الله عز وجل فيها، ولذلك جاء في بعض الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما قدَّموا له شيئاً آثروه على الجالسين كلهم، فقال عليه السلام: «هذه أثرة ولا أحب الأثرة» (١)، هو يريد أن يكون فرداً من أفراد أمته عليه السلام، فقال: «لا تنزلوني فوق منزلتي التي أنزله الله عز وجل فيها»، وأي منزلة لقد أعطي المقام المحمود يوم القيامة، يوم


(١) السلسلة الضعيفة (١٢/ ١/٥٦٩ - ٥٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>