[٣٠٠] باب الإخبار بما في نفس الغير من خصوصياته تعالى
وبيان الفرق بين ذلك وبين الإلهام والفراسة
[قال الإمام]:
الإخبار عما في نفس الغير ليس من الجزئيات القريبة, بل هو من خصوصيات الله تبارك وتعالى:{تعلم ما في نفسي ... } فيستحيل أن يصل إلى هذه المرتبة من يتعاطى الرياضة من مؤمن أو كافر, ونحوه الإخبار بموت الغائب, أو بقدومه, نعم هذا الأمران, الأخيران ونحوهما قد يكون من وحي الشيطان الجني الذي يسترق السمع إلى الشيطان الإنسي، أو يمكنه بحكم جبلته أن يطلع على موت فلان، قبل أن يطلع عليه البعيد عنه من بني الإنسان، فيخبر به من يريد أن يضله من الإنس ... ومثله قدوم الغائب، ومكان الضالة ونحو ذلك، فهذه أمور ميسورة للجن، فيطلِعون بعض الأنس بها لإضلالهم {وأنه كان رجال من الأنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً}، وأما الاطلاع على ما في الصدور والإخبار به فليس في طوق أحد منهم إلا بإخبار الله عز وجل من شاء من عباده الذين ارتضاهم للرسالة كما قال:{عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول ... }، نعم ليس من هذا القبيل ما يُلِهَمُه الرجل الصالح، ثم يقع كما ألهم، لأنه لو سئل عنه قبل ذاك لم يستطيع الجزم به، فلأنه (١) لا يدري أمن إلهام الرحمن هو، أم من وحي الشيطان؟ بخلاف النبي {قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير}.
وليس منه أيضاً ما يتنبأ به الإنسان بفراسته وملاحظته الدقيقة التي لا يتنبه لها غيره، وقد وقع لي شخصياً من هذا النوع حوادث كثيرة لولا أنني كنت أبادر إلى