والقتل الآخر خطأ، فالآن تحليل الكتابة الإلهية: كتب الله عز وجل أن الأول سيتعمد ويخطط وسيعزم على قتل الرجل باختياره، فكتبه في اللوح المحفوظ قاتلاً عمداً، وادخر له عذاب جهنم، أما الآخر فقد كتب: بأنه سيقتل بغير قصد وبغير إرادة منه؛ ولذلك ما كتب عليه جهنم.
إذاً: الأمر الأول يمثل ما يستحق عليه العذاب، والآخر ما لا يستحق عليه العذاب.
"الهدى والنور"(٧٢٤/ ٣٩: ٠١: ٠٠)
[١٧٦٨] باب الإيمان بالقدر خيره وشره
لا ينافي قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «والشر ليس إليك»
[قال الإمام معلقًا على قول صاحب الطحاوية:- «والإيمان هو الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وحلوه ومره من الله تعالى»]:
اعلم أنه لا ينافي هذا قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في دعاء الاستفتاح:«والخير كله بيديك والشر ليس إليك» رواه مسلم؛ لأن المعنى: فإنك لا تخلق شرًّا محضاً بل كل ما تخلقه فيه حكمة هو باعتبارها خير، ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس فهذا الشر جزئي إضافي، فأما شر كلي أو شر مطلق فالرب سبحانه وتعالى منزه عنه، أفاده في «الشرح» وراجع التفصيل إن شئت في «شفاء العليل» لابن القيم رحمه الله تعالى، ومنه تعلم كذب من نسب إلى أن للشر خالقاً غير الله تعالى في مقال نشر مع الأسف في مجلة «الحضارة»(ص ٥٠ - ٥٢، العدد ٥ السنة ١٨).