«أن المسجد لما زاد فيه الوليد وأدخلت فيه الحجرة كان قد مات عامة الصحابة، ولم يبق إلا من أدرك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولم يبلغ سن التمييز الذي يؤمر فيه بالطهارة والصلاة، ومن المعلوم بالتواتر أن ذلك كان في خلافة الوليد بن عبد الملك، وقد ذكروا أن ذلك كان سنة إحدى وتسعين، وأن عمر بن عبد العزيز مكث في بنائه ثلاث سنين وسنة ثلاث وتسعين مات فيها خلق كثير من التابعين مثل سعيد بن المسيب وغيره من الفقهاء السبعة، ويقال لها: سنة الفقهاء».
وبالجملة فإنما أدخلوا قبر الرسول عليه الصلاة والسلام إلى مسجده لحاجة توسيعه، والظاهر أنهم لم يجدوا فسحة من الجهات الأخرى ليزيدوا منها إلى المسجد وقد كان عمر وعثمان رضي الله عنهما قد زادا فيه من جهة القبلة فاضطروا إلى أخذ الزيادة من جهة الحجرات، فصار بذلك قبره في المسجد الشريف، ولكنهم- مع حاجتهم إلى هذا العمل- قد احتاطوا للأمر حيث فصلوا القبر عن المسجد فصلاً تاماً بالجدر المرفوعة حسماً للمحذور كما سبق ذكره عن النووي، والله تعالى أعلم.
"الثمر المستطاب"(١/ ٤٧٩ - ٤٨٦).
[[١٤٣] باب حرمة الصلاة في المساجد المبنية على القبور]
[قال الإمام]:
[لا تجوز الصلاة في] المساجد المبنية على القبور لما في الصلاة فيها من التشبه باليهود والنصارى وقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم - فيهم:
«إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً،