أنها آحاد وبمثلها لا تثبت العقيدة زعموا، ورتبوا على ذلك أن المسلم مهما أنكر ما هو ثابت في الشرع، فإنه لا يكفر إلا إذا كان الذي أنكره أصلاً من أصول الدين، ولم يقيدوا ذلك بما إذا عُلِم ثبوت ذلك عنده. والحق الذي لا ريب فيه أن من أنكر شيئاً ثابتاً في الدين سواء كان في الأصول أو الفروع فهو كافر إذا عُلم كونه من الدين، ومع ذلك أنكر. فبهذا الشرط يكفر، لأن معنى ذلك أنه لا يصدق الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في كل ما جاء به، وما جاء به كله صواب، فجحد أي شيء منه يعتبر طعناً فيه - صلى الله عليه وآله وسلم -. وذلك كفر بين.
وعلى ذلك إذا أنكر شيئاً وهو لا يعلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جاء به، فلا سبيل إلى تكفيره إلا بعد تبليغه وإقامة الحجة عليه لقوله تعالى:{لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}، ولا مجال بعد ذلك للتردد في تكفيره، ولو زعم أنه لم يقتنع بذلك أو لم تطمئن نفسه به فإنه ينافي الإيمان به - صلى الله عليه وآله وسلم - كما قال تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
"تحقيق كتاب: التوحيد أو العقائد الإسلامية"(ص١٢ - ١٣)
[[٣٧] باب ضلال منكري حجية السنة]
[قال الإمام في تحقيقه على كتاب " العلم " لابن أبي خيثمة]:
اعلم أنه قد كان هناك خلاف قديم بين السلف في كتابة الحديث النبوي، فمنهم المانع، ومنهم المبيح، وستأتي في الكتاب آثار غير قليلة من النوعين، ثم استقر الأمر على جواز الكتابة، بل وجوبها، لأمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بها في غير ما حديث واحد، كقوله:"اكتبوا لأبي شاه" أخرجه البخاري.
ومن المعلوم أن الحديث هو الذي تولى بيان ما أجمل من القرآن، وتفصيل