للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١١٦٢] باب الرد على من استدل على خلق القرآن بقوله تعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربيا} فقال: المجعول لا يكون إلا مخلوقًا

[ذكر الذهبي في "العلو" أن أهل الضلال قالوا أن القرآن كلام الله وتنزيله وأنه مخلوق", وذكروا في دليلهم [إنا جعلناه قرآنا عربيا] وقالوا: والمجعول لا يكون إلا مخلوقًا].

[فعلّق الإمام على ذلك قائلاً]:

هذا القول باطل ظاهر البطلان، وكأنه لذلك لم يتعرض المصنف لرده، لكن لا بد لنا في هذا التعليق من الإشارة إلى بعض الآيات التي استدل بها أهل الحديث على بطلانه، فقد قالوا ما ملخصه: إن لفظة "جعل" لا تأتي بمعنى "خلق" كُلما ذُكِرت، وفي أي مكان وقعت، كقوله تعالى: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب}، فليست هنا بمنى الخلق قطعاً، بل إن الله تعالى قد أضاف هذه اللفظة إلى بعض المخلوقين فقال في يوسف عليه السلام: «جعل السقاية في رحل أخيه» بل قال في المشركين: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً} فهل المعنى أن المشركين خلقوا الملائكة ... ؟! تعالى الله عن تفسير المبتدعة لكلامه علواً كبيراًَ.

فإذا تبين هذا كان لا بد من تفسير اللفظة المذكورة بالنظر إلى الموضع الذي وردت فيه، فإذا كان قوله تعالى: {جعلنا قرآناً عربياً} إنما هو القرآن قطعاً، وكان القرآن من كلامه تعالى قطعاً، وكان كلامه صفة من صفاته، وصفاته تعالى كلها أزلية غير مخلوقة كذاته، لم يجز حينئذ أن تُفَسَّر هذه اللفظة بما ينافي هذه الأمور المقطوع بها، قالوا: فالمعنى: إن الله تعالى لما كان يعلم الألسنة كلها وهو قادر على أن يتكلم بما شاء منها متى شاء، فإن شاء تكلم بالعربية، وإن شاء تكلم

<<  <  ج: ص:  >  >>