مع هذا المبدأ الأساسي الذي كان يحياه الرسول عليه السلام وذلك حينما شاهدهم مرة يتهافتون أيضًا على التبرك بوضوئه فقال لهم:«ما يحملكم على هذا؟ قالوا: حب الله ورسوله، قال:- هنا الشاهد-إن كنت تحبون الله ورسوله فاصدقوا في الحديث وأدوا الأمانة» انظر هذا اللطف في النقد من الأمر المفضول إلى الحكم الفاضل، لم يصدهم الرسول عليه السلام صدًا، وإنما مهد لهم تمهيدًا بأسلوب عظيم جدًا:«ما الذي يحملكم على هذا؟ قالوا: حب الله ورسوله» وهم صادقون في ذلك، فقال لهم: هذا لا يدل حبكم لله والرسول، الذي يدلكم على ذلك هو أن تعملوا بما جاء به الرسول عن ربه تبارك وتعالى.
ولهذا فنحن نرى أن ما ثبت من التبرك هو ثابت وفي صحيح البخاري قصة الحديبية في صحيح البخاري، لا مجال لإنكارها من حيث الرواية أبدًا، لكن بعض الناس يأخذون الأمور بالعجلة ولا يأخذونها بالرَويِّة، فلو أنهم نظروا أولًا إلى الحكمة من ذاك السكون ثم اطلعوا على الحديث الأخير لزال الإشكال ولعرفوا عظمة الرسول عليه السلام في ذاك وفي هذا الحديث.
"فتاوى الإمارات"(٧٦: ٣١: ٠٠)
[٣١٠] باب إنما أقر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -
على التبرك به يوم الحديبية لحكمة بالغة
[جاء في حديث المسور بن مخرمة الطويل في غزوة الحديبية قوله]:
فوالله ما تنخم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ...