للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[٢٣٠] باب الوسائل الكونية والشرعية وكيفية معرفة مشروعية الوسائل]

[قال الإمام]:

إذا عرفنا أن الوسيلة هي السبب الموصل إلى المطلوب برغبة فاعلم أنها تنقسم إلى قسمين، وسيلة كونية، ووسيلة شرعية.

فأما الوسيلة الكونية فهي كل سبب طبيعي يوصل إلى المقصود بخلقته التي خلقه الله بها، ويؤدي إلى المطلوب بفطرته التي فطره الله عليها، وهي مشتركة بين المؤمن والكافر من غير تفريق، ومن أمثلتها الماء فهو وسيلة إلى ريّ الإنسان، والطعام وسيلة إلى شبعه، واللباس وسيلة إلى حمايته من الحر والقر، والسيارة وسيلة إلى انتقاله من مكان إلى مكان، وهكذا.

وأما الوسيلة الشرعية فهي كل سبب يوصل إلى المقصود عن طريق ما شرعه الله تعالى، وبينه في كتابه وسنة نبيه، وهي خاصة بالمؤمن المتبع أمر الله ورسوله.

ومن أمثلتها النطق بالشهادتين بإخلاص وفهم وسيلة إلى دخول الجنة والنجاة من الخلود في النار، وإتباع السيئة الحسنة وسيلة إلى محو السيئة، وقول الدعاء المأثور بعد الأذان وسيلة إلى نيل شفاعة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وصلة الأرحام وسيلة لطول العمر وسعة الرزق، وهكذا.

فهذه الأمور وأمثالها إنما عرفنا أنها وسائل تحقق تلك الغايات والمقاصد عن طريق الشرع وحده، لا عن طريق العلم أو التجربة أو الحواس، فنحن لم نعلم أن صلة الرحم تطيل العمر وتوسع الرزق إلا من قوله صلوات الله وسلامه عليه:

<<  <  ج: ص:  >  >>