للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[١٧١٠] باب منه]

[قال الإمام]:

أما معنى قوله عليه الصلاة والسلام: «لن تمسه النار إلا تحلة القسم» ففي الحديث إشارة إلى قوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} (مريم: ٧١ - ٧٢) الخطاب للإنس والجن: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} (مريم:٧١) أي: إن ذلك في الكتاب كان مسطورًا، فلا بد لكل من الجنسين من الإنس والجن، لكل فرد من أفراد هذين الثقلين لا بد من أن يدخلوا النار، ثم قال تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} (مريم:٧٢) فلا بد إذًا لكل من البشر أن يدخل النار، ولكن مع فارق كبير، المسلم يدخل النار ولا تمسه النار بعذاب، أما الكافر أو الفاسق فكل بحسب ما كان ارتكب من معاصي، أما الكافر فمخلد في النار، أما من دونه فكما ذكرنا.

وواردها في هذه الآية الكريمة: اختلفوا في التفسير على أقوال ثلاثة:

القول الأول: أن المقصود من الورود هو المرور بجانب النار وليس الدخول؛ لأنهم يقولون في اللغة العربية: أورد الناقة الحوض لا يعني أنه دخل بها الحوض، فإذًا: معنى قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} (مريم:٧١) هذا القول الأول، أي: يمر بها مرورًا جانبيًا، لكن من كان من الكفار أو الفساق فهو داخلها رغم أنفه، أما من كان مؤمنًا فهو يمر بجانبها، هذا هو القول الأول.

والقول الثاني: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} (مريم:٧١) أي: مار عليها، فهو يرى النار ولكن لا يحس بلهيبها ودخانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>