للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثالث والأخير، وهو الصحيح: أن المقصود بالورود الدخول، ويكفي أن يكون الدخول هو من نفس الصراط، ويكون الصراط كالنفق في الجبل، فيحيط النار بالداخلين، ولكن من كان مثل هذا الذي لم تمسه النار إلا تحلة القسم لا تؤثر فيه النار، وهذا القول كما ذكرت آنفًا هو الراجح، لماذا؟ لأن الإمام مسلمًا قد روى في صحيحه من حديث حفصة فيما أظن أو جابر بن عبد الله أشك الآن، لكن القصة تتعلق يقينًا بحفصة بنت عمر زوجة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: قال عليه الصلاة والسلام: «لا يدخل النار أحد من أهل بدر والحديبية، قالت حفصة: كيف ذاك يا رسول الله! والله يقول: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} (مريم:٧١)؟».

فنلاحظ هنا شيئًا هامًا جدًا: أن الورود المذكور في الآية فهمته السيدة حفصة بمعنى الدخول، ولذلك أشكل عليها قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه لا يدخل أحد من أهل بدر والحديبية، فأشكل عليها هذا النفي مع تعميم رب العالمين في الآية الدخول للثقلين كلهم بلا استثناء، فنجد الرسول عليه السلام كان موقفه تجاه فهم السيدة حفصة بمعنى الورود من الورود بمعنى: الدخول، أن الرسول أقرها على ذلك، وما قال لها: لا يا حفصة، الورود هنا: إنما هو بمعنى المرور بجانب النار أو من فوق ... لكنه عليه السلام أقرها أولًا على فهمها، أن معنى الورود هو بمعنى الدخول المنفي في حديثه عليه السلام، وهو: «لا يدخل النار أحد من أهل بدر والحديبية» أقرها على هذا الفهم ولكنه عليه الصلاة والسلام لفت نظرها إلى خطئها في وقوفها عند لفظة الورود دون إتمام الآية، فقال لها: «» وماذا بعد ذلك؟ قالت: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} (مريم:٧٢)».

إذًا: نخرج من هذا الحديث بأن معنى الورود هو معنى الدخول؛ لأن النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>