والمعتزلة. كيف لا وهم أنفسهم الذين أنكروا حقيقة الأخذ والإشهاد والقول المذكور فيها بدعوى أنها خرجت مخرج التمثيل! وقد عز علي كثيراً أن يتبعهم في ذلك مثل ابن القيم وابن كثير، خلافاً للمعهود منهم من الرد على المبتدعة ما هو هو دون ذلك من التأويل. والعصمة لله وحده.
ثم إنه ليلوح لي أننا وإن كنا لا نتذكر جميعا ذلك الميثاق الرباني وقد بين العلماء سبب ذلك- فإن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، والتي تشهد فعلاً بأن الله هو الرب وحده لا شريك له، إنما هي أثر ذلك الميثاق، وكأن الحسن البصري رحمه الله أشار إلى ذلك حين روى عن الأسود بن سريع مرفوعا:" ألا إنها ليست نسمة تولد إلا ولدت على الفطرة ...
" الحديث، قال الحسن عقبه:" ولقد قال الله ذلك في كتابه: [وإذ أخذ ربك ... ] الآية ".أخرجه ابن جرير (١٥٣٥٣)، ويؤيده أن الحسن من القائلين بأخذ الميثاق الوارد في الأحاديث، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وعليه فلا يصح أن يقال: إن الحسن البصري مع الخلف القائلين بأن المراد بالإشهاد المذكور في الآية إنما هو فطرهم على التوحيد، كما صنع ابن كثير. والله أعلم.
"الصحيحة"(٤/ ١٥٨، ١٦٣).
[١٣٢] باب حُكْم من لم يوف بالميثاق [قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -]:
«يقول الله لأهونِ أهل النار عذابا يوم القيامة: يا ابن آدم! كيف وجدت مضجعك؟ فيقول: شر مضجع، فيقال له: لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتدياً بها؟ فيقول: نعم، فيقول: كذبت قد أردت منك أهون من هذا، وأنت في صلب