[١٥٠] باب من هو قائل عبارة"يُحذِّر ما صنعوا" في حديث اتخاذ القبور مساجد؟
[قال الإمام في معرض كلامه على أخطاء البوطي في كتاب فقه السيرة]:
ذكر [أي البوطي في "فقه السيرة"] (ص ٥٠٢) الحديث المتفق عليه: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد. وقال عقبة: كأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - يحذر المسلمين من أن يصنعوا صنيعهم به.
قلت: هذا القول من الدكتور ينبئ العالم بالحديث بأحد أمرين: إما أن الدكتور من الجهل بحيث لا علم له بالحديث, أو أنه يتعمد تحريف رواية الحديث, ذلك أن التحذير المذكور الذي جعله الدكتور من قوله, هو من تمام الحديث المتفق عليه, وهو من حديث عائشة وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما, فقد قالا عقب الحديث مباشرةً «يحذر ما صنعوا».هكذا أخرجه البخاري (٤٢٢/و٦/ ٣٨٦و١٠/ ٢٢٧ - فتح الباري) ومسلم (٢/ ٦٧) والدارمي (١/ ٣٢٦) وأحمد (١/ ٢١٨) وصرح هذا أنه من قول عائشة رضي الله عنها, وهذه فائدة فاتت الحافظ ابن حجر التنبيه عليها فقال في «الفتح (١/ ٤٢٣): «قوله: «يحذر ما صنعوا» جملة أخرى مستأنفة من كلام الراوي, كأنه سأل عن حكمة ذكر ذلك في ذلك الوقت, فأجيب إلي ذلك».
فإذن قوله:«يحذر ما صنعوا» من كلام راوي الحديث كما صرح الحافظ, وهو عائشة رضي الله عنها, كما في رواية أحمد, فكيف جعلها الدكتور من كلامه هو؟! وصنعه هذا يذكرني بنوع من أنواع جرح رواة الحديث وهو المعروف بسرقة الحديث؛ كان الراوي يبلغه حديث يرويه بعضهم فيسرقه منه ويركب عليه إسناداً