للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٣٦١] باب من مفاسد الغلو في تعظيم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -

رد الأحاديث الصحيحة

[قال رسول - صلى الله عليه وآله وسلم -]:

«يا أم سليم! أما تعلمين أن شرطي على ربي؟ أني اشترطت على ربي فقلت: إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل، أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة».

[قال الإمام]:

اعلم أن قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذه الأحاديث: «إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر .. » إنما هو تفصيل لقول الله تبارك وتعالى: {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ... } الآية.

وقد يبادر بعض ذوي الأهواء أو العواطف الهوجاء، إلى إنكار مثل هذا الحديث بزعم تعظيم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وتنزيهه عن النطق به! ولا مجال إلى مثل هذا الإنكار فإن الحديث صحيح، بل هو عندنا متواتر، فقد رواه مسلم من حديث عائشة وأم سلمة كما ذكرنا، ومن حديث أبي هريرة وجابر رضي الله عنهما، وورد من حديث سلمان وأنس وسمرة وأبي الطفيل وأبي سعيد وغيرهم.

انظر " كنز العمال " (٢/ ١٢٤).

وتعظيم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تعظيماً مشروعاً، إنما يكون بالإيمان بكل ما جاء عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - صحيحاً ثابتاً، وبذلك يجتمع الإيمان به - صلى الله عليه وآله وسلم - عبداً ورسولاً، دون إفراط ولا تفريط، فهو - صلى الله عليه وآله وسلم - بشر، بشهادة الكتاب والسنة، ولكنه سيد البشر وأفضلهم إطلاقاً بنص الأحاديث الصحيحة،. وكما يدل عليه تاريخ حياته - صلى الله عليه وآله وسلم - وسيرته، وما حباه الله تعالى به من الأخلاق الكريمة، والخصال الحميدة، التي لم تكتمل في بشر اكتمالها فيه - صلى الله عليه وآله وسلم -، وصدق الله العظيم، إذ خاطبه بقوله الكريم: {وإنك لعلى خلق عظيم}.

"الصحيحة" (١/ ١/١٦٦ - ١٦٧).

[[١٣٦٢] باب النهي عن إطراء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -]

عن عمر بن الخطاب قال:

قال رسول الله: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله».

(صحيح).

[قال الأستاذ الدعاس في تحقيق «الشمائل»: الإطراء هو حسن الثناء، أي لا تبالغوا في مدحي كما بالغت النصارى في مدح سيدنا عيسى فجعلوه إلها أو ابن إله.

فتعقبه الإمام قائلاً]:

«قلت: حمل الحديث على المبالغة في مدحه - صلى الله عليه وآله وسلم - مما لا يناسب ما ترجم له المؤلف رحمه الله [أي الترمذي في الشمائل]، ألا وهو تواضعه - صلى الله عليه وآله وسلم -، ذلك أن المبالغة تقترن عادةً بالكذب والغلو في الدين، وذلك محرم فالنهيُ عن مثله من الأمور التي لا يظهر بها تواضعه كما لا يخفى، فيبعد أن يكون هذا هو مراد المؤلف، فلعل الأولى أن يقال: إن المراد: لا تمدحوني مطلقاً، وهو من معاني

<<  <  ج: ص:  >  >>