الإطراء لغة، وهو وإن كان جائزاً في الأصل، فقد ينهى عن مثله من باب سد الذريعة، كما هو معلوم من علم الأصول، فإن فتح باب المدح قد يؤدي إلى مخالفة الشرع كما هو مشاهد في الواقع، إما جهلاً، وإما علواً، ألا ترى معي إلى ما قال بعضهم في مدحه - صلى الله عليه وآله وسلم -:
دع ما ادعته النصارى في نبيهم
واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكمِ
كيف أوصله إلى أن قال فيه - صلى الله عليه وآله وسلم -:
فإن من جودك الدنيا وضرَّتَها
ومن علومك علم اللوح والقلم
وهذا مدح بما هو باطل بداهة، ومثله كثير فيما يسمونه بالأناشيد الدينية، فنهيه - صلى الله عليه وآله وسلم - أمته عن مدحه بما هو جائز أصلاً خشية وقوع المادح فيما لا يجوز، لاشك أنه من تواضعه - صلى الله عليه وآله وسلم - كما يدل عليه سائر أحاديث الباب وغيرها، بخلاف حمل النهي على المدح المحرم، وهذا بين لا يخفى إن شاء الله. يؤيده قوله في آخر الحديث. «إنما أنا عبد ... » لأنه كأنه خرج مخرج الجواب عن سؤال مقدر: فماذا نقول في مدحك يا رسول الله؟ فقال:«قولوا عبد الله ورسوله». أي قولوا ما لا شك فيه شرعاً مما أنا متصف به ولا تزيدوا عليه. وأين هذا مما يصفه بعض المسلمين اليوم فيما يسمونه بالموالد وغيرها مما لم يكن معروفاً عند السلف الصالح، كقولهم: إنه نور. وإنه أول خلق الله, وأن جبريل كان خادمه ليلة الإسراء، ونحو ذلك من المماديح والأباطيل. {فاعتبروا يا أولي الأبصار}.