بيني وبين أحدهم مناقشة حول تلك القصة وكان قد سمعها من ذلك المرشد وما بنى عليها من حكم، ولكن لم تجد المناقشة معه شيئا وظل مؤمنا بالقصة لأنها من باب الكرامات في زعمه، قال: وأنتم تنكرون الكرامة ولما قلت له: لو أمرك شيخك بقتل والدك فهل تفعل؟ فقال: إنني لم أصل بعد إلى هذه المنزلة!! فتبا لإرشاد يؤدي إلى تعطيل العقول والاستسلام للمضلين إلى هذه المنزلة، فهل مِنْ عَتْب بعد ذلك على من يصف دين هؤلاء بأنه أفيون الشعب؟
"الصحيحة"(١/ ١/٣٥١ - ٣٥٣).
[[٣٣٩] باب الفرق بين الكرامة والاستدراج]
[قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -]:
«يا سارية الجبل، يا سارية الجبل».
مما لا شك فيه أن النداء المذكور إنما كان إلهاماً من الله تعالى لعمر وليس ذلك بغريب عنه، فإنه " محدث " كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولكن ليس فيه أن عمر كشف له حال الجيش، وأنه رآهم رأي العين، فاستدلال بعض المتصوفة بذلك على ما يزعمونه من الكشف للأولياء وعلى إمكان اطلاعهم على ما في القلوب من أبطل الباطل، كيف لا وذلك من صفات رب العالمين المنفرد بعلم الغيب والاطلاع على ما في الصدور.
وليت شعري كيف يزعم هؤلاء ذلك الزعم الباطل والله عز وجل يقول في كتابه:{عالم الغيب، فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول}. فهل يعتقدون أن أولئك الأولياء رسل من رسل الله حتى يصح أن يقال إنهم يطلعون على الغيب بإطلاع الله إياهم!! سبحانك هذا بهتان عظيم.