للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[٢٩٢] باب ما هو علم الغيب الذي اختص به الله تعالى؟]

سؤال: ما معنى علم الغيب الذي اختص الله عز وجل به، ثم لو أن رجلاً علم أمراً مغيب بواسطة فنجان أو نحو ذلك من هذه الطرق الذي يستعملونها، فما المحظور أن يقال علم الغيب أو علم المغيب؟

الشيخ: الغيب كما لا يخفى على جميع الحاضرين إذا أُطلق فالمقصود به الغيب الذاتي، أي الذي يعرفه الإنسان بذاته، يعني بعلمه الذاتي دون أن يتخذ وسيلة من الوسائل التي خلقها الله عز وجل ليصل بها إلى معرفة ما غاب عن بعض الناس، هذا الغيب هو الذي اختص الله عز وجل به دون الناس، نحن مثلاً نعلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أخبرنا بكثير من المغيبات، ولكن هذا العلم الذي حدثنا به الرسول عليه السلام لم يكن علماً ذاتياً به، وإنما أخبره الله عز وجل بواسطة الوحي، كما قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجن:٢٧)، فالله عز وجل إذا ارتضى رسولاً فينبئه ببعض المغيبات، هذا الرسول المنبأ لا يوصف بأنه عالم بالغيب، وإنما هو مُنبأ بالغيب كما جاء في صحيح البخاري: «أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مر ذات يوم بجارية من الأنصار، وهي تغني تضرب على دف وتقول: وفينا نبي يعلم ما في غد. فقال عليه السلام: لا يعلم الغيب إلا الله، دعي هذا وقولي ما كنت تقولين».

دعي قولك: وفينا نبي يعلم ما في غد؛ لأنه هو لا يعلم الغيب بواسطة ذاته، وإنما بواسطة إعلام ربه إياه على بعض المغيبات، إذا عرفنا هذه الحقيقة وخلاصة ذلك أن العلم بالغيب إما أن يكون ذاتياً، وإما أن يكون بالواسطة، فالذي اختص الله به هو القسم الأول، أما القسم الآخر فقد يتحقق به بعض الناس، وهؤلاء الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>