[[٢١٢] باب لا يجوز شد الرحل إلى مسجد قباء مع فضيلته]
[تَكلَّم الإمام على فضل المساجد الثلاثة ثم قال]:
ثم مسجد قباء وهو المراد من قوله تعالى:{لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين}(التوبة/١٠٨) فإنه لما نزلت «أتاهم عليه الصلاة والسلام في مسجد قباء فقال: «إن الله تبارك وتعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم، فما هذا الطهور الذي تطهرون به؟ قالوا: والله يا رسول الله ما نعلم شيئاً إلا أنه كان لنا جيران من اليهود، وكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا [قال: وهو ذاك فعلكيم به]» ...
وللصلاة فيه أجر عظيم فقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من خرج حتى يأتي هذا المسجد- يعني مسجد قباء (وفي لفظ: من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء) فيصلي فيه كان كعدل عمرة (وفي اللفظ الآخر: كان له كأجر عمرة» ...
ولذلك «كان - صلى الله عليه وآله وسلم - يأتي قباء [كل سبت] راكباً وماشياً [فيصلي فيه ركعتين]».
قال الحافظ:
«وفي هذا الحديث- على اختلاف طرقه- دلالة على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحة، والمداومة على ذلك، وفيه أن النهي عن شد الرحال لغير المساجد الثلاثة ليس على التحريم؛ لكون النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يأتي مسجد قباء راكباً، وتعقب بأن مجيئه - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى قباء إنما كان لمواصلة الأنصار، وتفقد حالهم، وحال من تأخر منهم، عن حضور الجمعة معه، وهذا هو السر في تخصيص ذلك بالسبت».