فيه إشعار بأن العذاب المذكور هو في يوم القيامة، فتفسيره بتألم الميت في قبره مع أنه يستلزم علمه بنوح أهله عليه، فهذا مع كونه مما لا دليل عليه، فإنه لا يساعد عليه القيد المذكور (يوم القيامة) فتنبه لهذا ولا تكن للرجال مقلداً، فالحق أن العذاب فيه وفي غيره على ظاهره، إلا أنه مقيد بمن لم ينكر ذلك في حياته، توفيقاً بينه وبين قوله تعالى:{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
"التعليق على الترغيب والترهيب"(٣/ ١٢٦٨).
[[١٥٤٥] باب منه]
[قال صديق حسن خان في "الروضة الندية":ويحرم النعي والنياحة [أي على الميت] لحديث": من نيح عليه يعذب بما نيح عليه" وهو في الصحيحين].
[فقال الإمام معلقاً]:
أي يتألم ويتوجع، قال شيخ الإسلام ... بعد أن قرر أن ليس على أحد من وزر غيره شيء، وأنه لا يستحق إلا ما سعاه-، قال (٢/ ٢٠٩ - من المجموعة المنيرية):
"وإن ظن بعض الناس أن تعذيب الميت ببكاء أهله عليه ينافي الأول! فليس كذلك؛ إذ ذلك النائح يعذب بنوحه، لا يحمل الميت وزره، ولكن الميت يناله ألم من فعل هذا كما يتألم الإنسان من أمور خارجه عن كسبه، وإن لم يكن جزاء الكسب والعذاب أعم من العقاب، كما قال - صلى الله عليه وآله وسلم -:"السفر قطعة من العذاب".
وانظر تفصيل هذا البحث في "تهذيب السنن"لابن القيم (٤/ ٢٩٠)، وقد صرح فيه بخطإ تفسير الحديث علي هذا الوجه، فراجعه؛ فإنه مفيد.