إن كل من يتأمل في (أحاديث اتخاذ القبور مساجد) يظهر له بصورةٍ لا شك فيها أن الاتخاذ المذكور حرام، بل كبيرة من الكبائر، لأن اللعن الوارد فيها، ووصف المخالفين بأنهم من شرار الخلق عند الله تبارك وتعالى، لا يمكن أن يكون في حق من يرتكب ما ليس كبيرة كما لا يخفى.
مذاهب العلماء في ذلك
وقد اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم ذلك، ومنهم من صرح بأنه كبيرة، وإليك تفاصيل المذاهب في ذلك:
مذهب الشافعية أنه كبيرة
قال الفقيه ابن حجر الهيتمي في «الزواجر عن اقتراف الكبائر»(١/ ١٢٠): «الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتسعون: اتخاذ القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها، واتخاذها أوثاناً، والطواف بها، واستلامها، والصلاة إليها» ثم ساق بعض الأحاديث المتقدمة وغيرها ثم قال (ص ١١١):
«(تنبيه): عد هذه الستة من الكبائر وقع في كلام بعض الشافعية، وكأنه أخذ ذلك مما ذكرته من الأحاديث، ووجه اتخاذ القبر مسجدا منها واضح؛ لأنه لعن من فعل ذلك بقبور أنبيائه، وجعل من فعل ذلك بقبور صلحائه شر الخلق عند الله تعالى يوم القيامة، ففيه تحذير لنا كما في رواية:«يحذر ما صنعوا» أي يحذر أمته بقوله لهم ذلك من أن يصنعوا كصنع أولئك، فيلعنوا كما لعنوا، ومن ثم قال