القارئ نقلاً عن بعض أئمة الحنفية فقال في «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح»(١/ ٤٥٦):
«سبب لعنهم: إما لأنهم كانوا يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيماً لهم، وذلك هو الشرك الجلي، وإما لأنهم كانوا يتخذون الصلاة لله تعالى في مدافن الأنبياء، والسجود على مقابرهم، والتوجه إلى قبورهم حالة الصلاة نظراً منهم بذلك إلى عبادة الله والمبالغة في تعظيم الأنبياء، وذلك هو الشرك الخفي؛ لتضمنه ما يرجع إلى تعظيم مخلوق فيما لم يؤذن له، فنهى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمته عن ذلك إما لمشابهة ذلك الفعل سنة اليهود، أو لتضمنه الشرك الخفي. كذا قاله بعض الشرَّاح من أئمتنا، ويؤيده ما جاء في رواية: يحذر ما صنعوا».
قلت: والسبب الأول الذي ذكره وهو السجود لقبور الأنبياء تعظيماً لهم، وإن كان غير مستبعد حصوله من اليهود والنصارى، فإنه غير متبادر من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، فإن ظاهره أنهم اتخذوها مساجد لعبادة الله فيها على المعاني السابقة تبركا بمن دفن فيها من الأنبياء، وإن كان هذا أدى بهم- كما يؤدي بغيرهم- إلى وقوعهم في الشرك الجلي ذكره الشيخ القارئ.