كله من أجل الصلاة فيها، سلباً أو إيجاباً، يوضح ذلك المثال الآتي: لو أن رجلاً بنى مسجداً في مكان قفر غير مأهول، ولا يأتيه أحدٌ للصلاة فيه، فليس لهذا الرجل أي أجر في بنائه لهذا المسجد، بل هو عندي آثم؛ لإضاعة المال، ووضعه الشيء في غير محله!
فإذا أمر الشارع ببناء المساجد فهو يأمر ضمناً بالصلاة فيها لأنها هي المقصودة بالبناء، وكذلك إذا نهى عن بناء المساجد على القبور فهو ينهى ضمناً عن الصلاة فيها، لأنها هي المقصودة بالبناء أيضاً، وهذا بين لا يخفى على العاقل إن شاء الله تعالى.
ترجيح شمول الحديث للمعاني كلها وقول الشافعي بذلك.
وجملة القول: أن الاتخاذ المذكور في الأحاديث المتقدمة يشمل كل هذه المعاني الثلاثة، فهو من جوامع كلمه - صلى الله عليه وآله وسلم -، وقد قال بذلك الإمام الشافعيُّ رحمه الله، ففي كتابه «الأم»(١/ ٢٤٦) ما نصه:
«وأكره أن يبنى على القبر مسجد، وأن يسوى، أو يصلى عليه وهو غير مسوى (يعني أنه ظاهر معروف) أو يصلى إليه»، قال:«وإن صلى إليه أجزأه وقد أساء، أخبرنا مالك، أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».» قال:«وأكره هذا للسنة والآثار، وأنه كره- والله تعالى أعلم- أن يُعظم أحدٌ من المسلمين، يعني يُتخذ قبره مسجداً، ولم تؤمن في ذلك الفتنة والضلال على ما يأتي بعده».
فقد استدل بالحديث على المعاني الثلاثة التي ذكرها في سياق كلامه فهو دليل واضح على أنه يفهم الحديث على عمومه وكذلك صنع المحقق الشيخ على