فائدة: قول عائشة هذا، يدلّ دلالة واضحة على السبب الذي من أجله دفنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته، ألا وهو سد الطريق على من عسى أن يبني عليه مسجداً، فلا يجوز والحالة هذه أن يتخذ ذلك حجة في دفن غيره - صلى الله عليه وسلم - في البيت يؤيد ذلك أنه خلاف الأصل لأن السنة الدفن في المقابر، ولهذا قال ابن عروة في «الكواكب الدراري» (ق ١٨٨/ ١ تفسير ٥٤٨): «والدفن في مقابر المسلمين أعجب إلى أبي عبد الله (يعني: الإمام أحمد) من الدفن في البيوت، لأنه أقل ضررا على الأحياء من ورثته، وأشبه بمساكن الآخرة وأكثر للدعاء له والترحم عليه ولم يزل أصحابه والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحارى. فإن قيل: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قبر في بيته وقبر صاحبه معه؟ قلنا: قالت عائشة: إنما فعل ذلك لئلا يتخذ قبره مسجداً، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدفن أصحابه بالبقيع، وفعله أولى من فعل غيره، وإنما أصحابه رأوا تخصيصه بذلك، ولأنه روي: «يدفن الأنبياء حيث يموتون»، وصيانة لهم عن كثرة الطراق، وتمييزاً له عن غيره». [منه]. (٢) رواه البخاري (٣/ ١٥٦ و١٩٨ و٨/ ١١٤) ومسلم (٢/ ٧٦) وأبو عوانة (١/ ٣٩٩) وأحمد (٦/ ٨٠ و١٢١ و٢٥٥) والسراج في» مسنده» (٣/ ٤٨/٢) عن عروة عنها. وأحمد (٦/ ١٤٦ و٢٥٢) والبغوي في» شرح السنة» (ج ١ - صلى الله عليه وسلم - ٤١٥) طبع المكتب الإسلامي عن سعيد بن المسيب عنها. وسنده صحيح على شرط الشيخين .. [منه].