بقضاء وقدر، كما قال عليه السلام:«حتى العجز والكيس».
وهذا بحث طويل جداً، ونحن تكلمنا عنه مراراً وتكراراً، لكني أقول: كلمة قضاء الله وقدره عقيدة إسلامية، وإن عجز مسلم ما أن يجمع في ذهنه بين اعتقاده: إن الإنسان والله مخير؛ لأنه لو كان مسيراً مثل ما بيقولوا الجهلة ما يقال له:
افعل أو لا تفعل، مثل ما قال هاداك الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفاً ثم قال له ... إياك إياك أن تبتل بالماء
لو وصف إنسان رجلاً بهذا الوصف الذي وصف هذا الشاعر به لنسبه إلى الظلم، إنسان لو وصف ملكاً أو رئيساً بهذا الوصف لوصفه ظالماً، ما بعده ظلم، فما باله وهو يصف رب العالمين: خلقه وألقاه في اليم مكتوفاً ثم قال له: إياك إياك أن تبتل بالماء، حاشا لله، وإنما قال:{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}(الكهف:٢٩)، وقال:{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}(البلد:١٠)، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}(الشمس:١٠)، إلى آخره.
إذن كل من المذهبين: المعتزلة والجبرية باطل والحق بينهما.
الإنسان فيما كان مخيراً فيه هو مأجور أو مأزور، وفيما وقع منه رغم أنفه فهو غير مسؤول.
"الهدى والنور"(٥٢٩/ ١٨: ١١: ٠٠)
[[١٨٠٠] باب بيان معتقد الجبرية والرد عليهم]
سؤال: نرجو من فضيلتكم إيضاح معتقد الجبرية وكيفية الرد عليهم بشبهة أن الله قدر المقادير قبل خلق السموات والأرض بزمن بعيد، فكيف يقال بأن الإنسان مخير في أعماله كالطاعة والنسيان؟