[٢٠١] باب تَقَصًد آثار الأنبياء للصلاة عندها وسيلة للشرك
[قال الإمام]:
بالغ ابن حزم فقال:
«ولا تجزئ الصلاة في مسجد أحدث مباهاة أو ضراراً على مسجد آخر إذا كان أهله يسمعون نداء المسجد الأول، ولا حرج عليهم في قصده، والواجب هدمه، وهدم كل مسجد أحدث لينفرد فيه الناس كالرهبان أو يقصدها أهل الجهل طلباً لفضلها، وليست عندها آثار لنبي من الأنبياء عليهم السلام».
وفي كلامه الأخير إشارة إلى جواز قصد آثار الأنبياء للصلاة عندها، وهذه مسألة اختلف فيها العلماء قديماً، والذي يترجح عندنا المنع من قصدها؛ لأنه لا دليل من الكتاب والسنة على جوازه، ولأنه قد يؤدي إلى الغلو وهو منهي عنه، ولنهي عمر رضي الله عنه، فقد روى سعيد بن منصور في (سننه): ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن عمر رضي الله عنه قال:
خرجنا معه في حجة حجها فقرأ بنا في الفجر:{ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل}(الفيل: ١) و {لإيلاف قريش}(قريش: ١) في الثانية، فلما رجع من حجته رأى الناس ابتدروا المسجد فقال: ما هذا؟ قالوا: مسجد صلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيه، فقال: هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم اتخذوا آثار أنبيائهم بيعاً، من عرضت له منكم الصلاة فيه فليصل، ومن لم تعرض له الصلاة فليمض» وهذا إسناد صحيح على شرط الستة.
فقد كره رضي الله عنه اتخاذ مصلًّى النبي عيداً، وبين أن أهل الكتاب إنما هلكوا بمثل هذا، وهذا مذهب مالك وغيره من أهل المدينة، فقد كانوا يكرهون