في القصة التي أنت أشرت إليها، قال: ما أدركته الصلاة في موطن من هذه المواطن التي كان قد صلى فيها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فليصل، ومن لا فلا تفعلوا، فإنما أهلك من كان قبلكم اتباعهم آثار أنبيائهم، فهو رضي الله عنه نهى الناس عن تتبع آثار الرسول عليه السلام خشية أن يقعوا في نوع من الغلو الذي نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في مثل قوله:«إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك الذين من قبلكم غلوهم في دينهم»(١) فعمر خشي على الناس خاصة الناس الذين يأتون من بعد أن يقعوا في شيء من هذا الغلو فنهاهم عن تتبع الآثار.
أما ابن عمر عبد الله فهو كان يتتع آثار الرسول عليه السلام، وهذا من حبه لنبيه كان يغالي في التتبع غلوًا لا يراه والده عمر ولا غيره من الصحابة، فكان موقف عمر أقرب إلى باب سد الذريعة من موقف ابنه عبد الله بن عمر، فالصواب الذي ينبغي أن يكون عليه سائر الناس: هو ما نصح به عمر الناس يومئٍذ وليس ما كان عليه ابنه عبد الله بن عمر؛ لأن هذا يحتاج إلى إنسان فقيه دقيق الفقه حتى يقف عند الحدود ولا يغالي في محبة الرسول عليه السلام، هذه المحبة التي قد تدفع بعض المحبين إلى أن يغالوا في محبوبهم كما فعلت النصارى في عيسى عليه الصلاة والسلام، فما فعله عمر هو الصواب في هذه المسألة، فلا يجوز تتبع آثار الأنبياء وكأن من أدلة ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:«لا تشد الرحال إلا
إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى» فلم يحض الرسول عليه السلام على أن يتتبع المسلم شيئًا من آثار الأنبياء إلا هذه المساجد الثلاثة.