للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها قبل أن تقام حجة العلماء عليهم، لما عُرِف من قواعد الشريعة أن الكفار كفرًا بواحًا لا نحكم لهم بنار إلا بعد أن تقوم حجة الله عليهم، كما في قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء: ١٥) وكما في قوله عليه الصلاة والسلام كما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ما من رجل من هذه الأمة من يهودي أو نصراني يسمع بي، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» فإذًا: الذي يدخل النار هو الذي تبلغه الحجة، ورسالة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثم لا يُؤمن بها، على هذا علماء المسلمين قاطبة، ولذلك فالسلف الصالح في عقائدهم التي ورثها الخلف عنهم يقولون بصحة الصلاة وراء كل بر وفاجر وبالصلاة على الميت سواء كان برًا أو كان فاجرًا، ولا يكفرون من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله إلا بعد أن تقام حجة الله عليه، إذا

عرفنا هذه الحقيقة ورأينا بعض الطوائف الإسلامية قد وقعوا في بدع شركية محضة لا مجال لأن تفسر بغير الشرك، فلا يجوز المبادرة إلى التكفير إلا بعد

إقامة الحجة.

وأنا أعتقد أن الحجة بالنسبة لكثير من الناس وبخاصة منهم الأعاجم الذين لا يفقهون اللغة العربية، وبخاصة منهم الذين لم يسبق أن هدوا هم أو آباؤهم إلى الإسلام كالأوروبيين والأمريكيين ونحوهم، فهؤلاء ليس من السهل أن يقال: قد أقيمت حجة الله عليهم فهذا هو كلام الله يتلى عليهم ليلًا نهارًا، أنتم تعلمون أن كثيرًا من العرب المسلمين لا يفهمون كلام رب العالمين، فكيف نظن بالأعاجم الكفار، أما هم فهموا القرآن وقامت حجة الله عليهم، هذا أولًا.

وثانيًا: أن بعض البدع ليست شركًا، وإنما يمكن اعتبارها خطئًا أو ضلالًا أو بدعة؛ لأن الشرك أمر عظيم كما قال ربنا في القرآن الكريم: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>