للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، ولا يستطيع أحد من الخلفيين أو الطُّرُقيين ان يأتي بدليل يثبت أن طريقة توسلهم كانت بأن يذكروا في أدعيتهم اسم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ويطلبوا من الله بحقه وقدره عنده ما يريدون. بل الذي نجده بكثرة، وتطفح به كتب السنة هو الأمر الثاني، إذ تبين أن طريقة توسل الأصحاب الكرام بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما كانت إذا رغبوا في قضاء حاجة، أو كشف نازلة أن يذهبوا إليه - صلى الله عليه وآله وسلم -، ويطلبوا منه مباشرة أن يدعو لهم ربه، أي أنهم كانوا يتوسلون إلى الله تعالى بدعاء الرسول الكريم - صلى الله عليه وآله وسلم - ليس غير.

ويرشد إلى ذلك قوله تبارك وتعالى: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} (النساء: ٦٤).

ومن أمثلة ذلك ما مر معنا في حديث أنس السابق الذي ذكر فيه مجيء الأعرابي إلى المسجد يوم الجمعة حيث كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يخطب، وعرضه له ضنك حالهم، وجدب أرضهم، وهلاك ماشيتهم، وطلبه منه أن يدعو الله سبحانه لينقذهم مما هم فيه، فاستجاب له - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهو الذي وصفه ربه بقوله: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عَنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} (التوبة: ١٢٨ (، فدعا - صلى الله عليه وآله وسلم - لهم ربه، واستجاب سبحانه دعاء نبيه، ورحم عباده ونشر رحمته، وأحياء بلدهم الميت.

ومن ذلك أيضاً مجيء الأعرابي السابق نفسه أو غيره إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يخطب الجمعة الثانية، وشكواه له انقطاع الطرقات وتهدم البنيان، وهلاك المواشي، وطلبه منه أن يدعو لهم ربه، ليمسك عنهم الأمطار، وفعل - صلى الله عليه وآله وسلم - فاستجاب له ربه جل شأنه أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>