للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وإن أقر الصحابة في غزوة الحديبية وغيرها على التبرك بآثاره والتمسح بها، وذلك لغرض مهم وخاصة في تلك المناسبة، وذلك الغرض هو إرهاب كفار قريش وإظهار مدى تعلق المسلمين بنبيهم، وحبهم له، وتفانيهم في خدمته وتعظيم شأنه، إلا أن الذي لا يجوز التغافل عنه ولا كتمانه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد تلك الغزوة رغّب المسلمين بأسلوب حكيم وطريقة لطيفة عن هذا التبرك، وصرفهم عنه، وأرشدهم إلى أعمال صالحة خير لهم منه عند الله عز وجل، وأجدى، وهذا ما يدل عليه الحديث الآتي:

عن عبد الرحمن بن أبي قراد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - توضأ بوماً، فجعل أصحابه يتمسحون بوضوئه، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: "ما يحملكم على هذا؟ " قالوا: حب الله ورسوله. فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: "من سره أن يحب الله ورسوله، أو يحبه الله ورسوله فليصدق حديثه إذا حدث، وليؤد أمانته إذا اؤتمن، وليحسن جوار من جاوره " (١).

٣ - افتراء عريض:

والظاهر أن الدكتور لا يطيب له عيش، ولا يهنأ له بال إلا إذا افترى على السلفيين، وكذب عليهم، كذباً مكشوفاً حيناً ومغطى حيناً آخر. وها هو هنا يفتري علينا حين يزعم أننا نحتج على منع التوسل بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد وفاته بالقول بأن تأثيره - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحوادث قد انقطع بعد وفاته، ويتطوع بأن يثبت أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سواء في حياته أو بعد وفاته ليس له تأثير ذاتي في الأشياء في كل ظرف وفي كل حين، وأن


(١) قلت: وهو حديث ثابت، له طرق وشواهد في معجمي الطبراني وغيرهما وقد أشار المنذري في "الترغيب" (٣/ ٢٦) إلى تحسينه، وقد خرجته في "الصحيحة" برقم (٢٩٩٨). [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>