للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهم بمنزلة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - عندك عجّل لنا الحساب.

ومن الغريب حقاً أن يتجرأ الدكتور البوطي فيدعي إجماع الأئمة والفقهاء بما فيهم الشوكاني وابن قدامة والصنعاني على فهمه الشاذ المبني على جهل فظيع بمعاني الألفاظ المستعملة في اللغة والشرع.

ونكتفي للرد عليه بنقل كلام أحد الأئمة الذين نص على أسمائهم، وادعى مشاركتهم إياه في فهمه لمعنى الاستشفاع، ونعني الإمام ابن قدامة المقدسي صاحب أكبر كتاب في الفقه الحنبلي وهو "المغني" إذ قال فيه (٢/ ٢٩٥) ما نصه: "ويستحب بأن يستسقي بمن ظهر صلاحه، لأنه أقرب إلى إجابة الدعاء، فإن عمر استسقى بالعباس عم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.قال ابن عمر: استسقى عمر عام الرمادة بالعباس، فقال: اللهم إن هذا عم نبيك نتوجه إليك به، فاسقنا، فما برحوا حتى سقاهم الله، وروي أن معاوية خرج يستسقي، فلما جلس على المنبر قال: أين يزيد بن الأسود الجُرَشي؟ فقام يزيد، فدعاه معاوية فأجلسه عند رجليه، ثم قال: اللهم إنا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا يزيد بن الأسود، يا يزيد ارفع يديك، فرفع يديه ودعا الله تعالى، فثارت في الغرب سحابة مثل الترس، وهبَّ لها ريح، فسقوا حتى كادوا لا يبلغون منازلهم، واستسقى به الضحاك مرة أخرى".

وواضح من كلام ابن قدامة هذا أنه يعني بالاستشفاع الوارد في الاستسقاء أن يطلب إمام المسلمين من بعض أهل العلم والصلاح أن يشترك مع المسلمين في التوجه إلى الله ودعائه سبحانه لكشف الشدة عن عبادة المؤمنين. ولم يقصد الإمام ابن قدامة بل ونجزم بأنه لم يخطر في باله ذاك المعنى الخاطىء الذي يحمله عليه البوطي وأمثاله من المبتدعين، ويريدون حمل الألفاظ الشرعية عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>