للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - لم ينكر على الجاريتين فحق، ولكن كان ذلك في يوم عيد فلا يشمل غيره أولا. وثانياًّ: لما أمر - صلى الله عليه وآله وسلم - أبا بكر بأن لا ينكر عليهما بقوله: " دعهما " أتبع ذلك بقوله: " فإن لكل قوم عيداً ... " فهذه جملة تعليلية تدل على أن علة الإباحة هي العيدية إذا صح التعبير، ومن المعلوم أن العلة تدور مع المعلول وجوداً وعدماً، فإذا انتفت هذه العلة بأن لم يكن يوم عيد لم يبح الغناء فيه كما هو ظاهر، ولكن ابن حزم لعله لا يقول بدليل العلة كما عرف عنه أنه لا يقول بدليل الخطاب، وقد رد عليه العلماء ولا سيما شيخ الإسلام ابن تيمية في غير ما موضع من " مجموع الفتاوى " فراجع المجلد الثاني من " فهرسه ".

لقد طال الكلام على حديث عائشة في سماع الغناء ولا بأس من ذلك إن شاء الله تعالى؛ فإن الشاهد منه واضح ومهم، وهو أن ملاحظة طالب العلم إقرار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لأمرٍ ما يفتح عليه باباً من الفقه والفهم ما كان ليصل إليه بدونها، وهكذا كان الأمر في حديث القليب فقد تبين بما سبق أنه دليل صريح على أن الموتى لا يسمعون، وذلك من ملاحظتنا إقرار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لاستنكار عمر سماعهم واستدلاله عليه بالآية {إنك لا تسمع الموتى} فلا يجوز لأحد بعد هذا أن يلتفت إلى

أقوال المخالفين القائلين بأن الموتى يسمعون، فإنه خلاف القرآن الذي بينه

الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -.

الدليل الرابع: قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام» (١).


(١) وهو حديث صحيح [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>