للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعلم أن من مات كافراً لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة، لا بل لو آمن عند المعاينة، ويكفي في رد هذا الحديث قوله تعالى: {فيمت وهو كافر}، وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في (الصحيح): «استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي».

ولقد أحسن القول في هؤلاء بعبارة ناصعة وجيزة الشيخ عبد الرحمن اليماني رحمه الله في تعليقه على" الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " للإمام الشوكاني، فقال (ص ٣٢٢):" كثيراً ما تجمح المحبة ببعض الناس، فيتخطى الحجة ويحاربها، ومن وفق علم أن ذلك منافٍ للمحبة الشرعية، والله المستعان ".

قلت: وممن جمحت به المحبة السيوطي عفا الله عنه، فإنه مال إلى تصحيح حديث الإحياء الباطل عند كبار العلماء كما تقدم، وحاول في كتابه " اللآلئ " (١/ ٢٦٥ - ٢٦٨) التوفيق بينه وبين حديث الاستئذان وما في معناه، بأنه منسوخ، وهو يعلم من علم الأصول أن النسخ لا يقع في الأخبار وإنما في الأحكام! وذلك أنه لا يعقل أن يخبر الصادق المصدوق عن شخص أنه في النار ثم ينسخ ذلك بقوله: إنه في الجنة! كما هو ظاهر معروف لدى العلماء.

ومن جموحه في ذلك أنه أعرض عن ذكر حديث مسلم عن أنس المطابق لحديث الترجمة إعراضاً مطلقاً، ولم يشر إليه أدنى إشارة، بل إنه قد اشتط به القلم وغلا، فحكم عليه بالضعف متعلقا بكلام بعضهم في رواية حماد بن سلمة! وهو يعلم أنه من أئمة المسلمين وثقاتهم، وأن روايته عن ثابت صحيحة، بل قال ابن المديني وأحمد وغيرهما: أثبت أصحاب ثابت حماد، ثم سليمان، ثم حماد بن زيد، وهي صحاح.

وتضعيفه المذكور كنت قرأته قديماً جدا في رسالة له في حديث الإحياء

<<  <  ج: ص:  >  >>