الله أكبر! رسول الله يقول:«لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم» كأن قائلاً يقول وهو يجيب عليه السلام بحكمته قبل أن يأتي السؤال، كأن قائلاً يقول: إذاً ماذا نقول يا رسول الله، أنت تنهانا عن مدحك فماذا نقول، أو بعبارة أخرى: ما هي العصمة حتى لا نقع فيما وقعت فيه النصارى؟ قولوا: عبد الله ورسوله.
إذاً: معنى هذا ألا نتشبه بالنصارى، لكن هنا قد يجول في نفوس بعض الناس كما سمعنا ذلك مراراً وتكراراً: النصارى قالوا: عيسى ابن الله وكفروا وكذبوا، والمسلمون الحمد لله لا يقولون محمد ابن الله، الحمد لله أيضاً أن المسلمين ما وقعوا تماماً كما وقع النصارى، ولكنهم قد وقعوا فيما يشبه ما وقع فيه النصارى، وليس من الضروري أن يكون خطؤهم كخطأ النصارى مائة بالمائة، هذا من جهة، من جهة أخرى معلوم بواقع التجربة والحياة أن الشر الأكبر لا يأتي عادة إلا من طريق الشر الأصغر، وهذا من وساوس الشيطان لبني الإنسان، أنه لا يخرجه عن دينه مرة واحدة، ولكنه يمكر به، ويخطو به خطوة بعد خطوة، ومن هنا يتمكن الشيطان من إضلال بني الإنسان، العصمة أن يقف المسلم عند ما أمره الله عز وجل، من ذلك أن يعتقد في الرسول ما وصفه الله عز وجل في مثل قوله مثلاً:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(القلم: ٤) وأن يقف في مدح الرسول على ما ذكره عن نفسه وذكرنا لكم آنفاً أن الله قال له: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}(الإسراء:٧٩) وهذا هو المقام المحمود، حيث يشفع للبشر كلهم، بينما يعتذر عن هذه الشفاعة من قبله من الأنبياء والرسل، فنقف عند هذه الحدود التي فيها تعظيم الرسول ولا نغالي، فحينما يقول المسلم المؤمن بكل هذا الحق الذي نقوله، والذي يقال فيه: لا يختلف فيه اثنان، ولا ينتطح فيه عنزان، من كان كذلك كيف