أنه علمه أشياء جوهرية أساسية مثل أشراط الساعة الكبرى ونحو ذلك من الصغرى التي يهم المسلمين أن يتعرفوا عليها، كما قال تعالى في القرآن الكريم:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}(الجن: ٢٦، ٢٧).
هنا نحن نقول: كلمة «غيب» هنا كحديثنا السابق تماماً، هل ربنا يُطْلِع الأنبياء على غيبه كله؟ لا، قال علماء التفسير: على ما يراه رَبُّنَا عز وجل أن يُعلم من شاء من الرسل يطلعه على بعض المغيبات، وليس على كل المغيبَات، ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كل نبي إذا علمه الله علماً وجب عليه أن يُبلِّغه المسلمين، تماماً كما قالت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها في حديث طويل ولسنا الآن في صدده، تقول فيه:«ومن حدثكم بأن محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - كتم شيئاً أُمر بتبليغه ... »{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}(المائدة: ٦٧)، قالت:«من حدثكم أن محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - كتم شيئاً أُمر بتبليغه فقد أعظم على الله الفرية».
فإذاً: ربنا عز وجل كما قال: {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ}(الجن: ٢٦) أي: على بعض غيبه، تقدير مضاف محذوف، لأن النبي ولو كان مصطفى كما قلنا ليس ممكن يكون إلها ثانياً في علمه في إحاطته بكل شيء سيكون، حينئذٍ صار شريكاً، وهنا نتذكر شيئاً مهماً جداً يتعلق بعلم التوحيد، الله تبارك وتعالى واحد في ذاته، فليس هناك ما قال الكفار من النصارى أن الله ثالث ثلاثة، لا، إنما هو إله واحد، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:١ - ٤) فالله واحد في ذاته، خلاف قول النصارى، وهو واحد في عبادته، فهو إله واحد، أي: وليس كما يقول المشركون العرب ويقولون حتى الآن، ليس الأمر كما قالوا: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فالله واحد أيضاً في عبادته، فمن اعتقد أن الله