الناس، ماذا يحفظ من علمه؟ الشيء القليل، إذاً: هذا الأستاذ العاقل هل سيصب العلم كله في صدر هذا الطالب؟ سيكلفه رهقاً وسيكلفه شططاً، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فمن هذه الحيثية التي تنافي الطبيعة البشرية ليس معقولاً أن الرسول عليه السلام لو أن الله أعلمه بكل شيء وجعله شريكاً معه في العلم بالغيب ليس معقولاً أنه يحدث الناس بما لا يتحملونه ولا يطيقونه.
فخلاصة القول بارك الله فيك: أن مثل هذا الحديث يجب أن يُفسَّر على ضوء عقيدة المسلمين المستقاة من كتاب الله كله، ومن سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وحديثه كله، ولا نقف على حديث واحد، ولذلك أنا أقول لك الآن كلمة الختام في هذه المسألة: نحن ندعي بأننا أولاً مسلمون جميعاً والحمد لله.
لكن فيه شيء آخر ندعيه وهو أننا نحترم سلفنا الصالح من صحابة وتابعين وأئمة مجتهدين، تلقينا من طريقهم علم الكتاب والسنة والفقه والعقيدة، فَمَنْ من علماء المسلمين يقول بأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - علمه الله كل شيء كما قال في الحديث القلم:«اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة» بناء على حديث مسلم، لا أعلم مسلماً عالماً سبقنا إلى مثل هذا، ولذلك لا يجوز لإنسان أن يقول خلاف ما قال علماؤنا من قبل على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم.
سؤال: المعروف عند فضيلتك سيدنا الشيخ أن الصحابة كانوا أصدق الناس وأدق الناس في الرواية عن النبي عليه الصلاة والسلام، حتى أن أحدهم كان لا يتحدث حرجاً مخافة أن يقع في شيء من النسيان، فنحن وصلت لنا الرواية على لسان الصحابي بدقة، «حدثنا بما كان وبما هو كائن»، والصحابي يستطيع أن يقول: حدثنا بمفاتيح الأشياء، أو حدثنا بمجملها، أو حدثنا بعظائمها، إنما قوله