الكتب يمكن أن يكون صحيحًا وهو الغالب: أن الفلاح يمكنه أن يعرف عمر الشجرة بعد قطع جذعها من الدوائر التي يراها في نفس الجذع، فيقولون: بأن كل دائرة تعني سنة، فإذا كان هناك في هذا الجذع دائرتان فهو يقول: عمر هذه الشجرة سنتان، ثلاثة ثلاثة وهكذا، بل كنت قرأت ما هو أدق وأغرب من ذلك: بأنه يمكن معرفة عمر الإنسان بالنظر إلى الخطوط التي تُرى بشيء من الدقة في أظافر الإنسان فكل خط أيضًا يعني سنة، فهذا ما يهمني هل صح أم لم يصح، كمسألة الجنين والاكتشاف أنه ذكر أو أنثى، لكن إن صح ذلك فلا إشكال وليس هو من باب مشاركة الله عز وجل في علم الغيب وإنما هو من طريق استغلال هذه الوسائل التي خلقها الله وتعرَّف بها على ما يَخفى على الناس.
إذا عرفنا هذا فلا يهمنا أبدًا صح طبيًا اكتشاف هوية الجنين أذكر هو أم أنثى أو لم يصح؛ لأنه إن صح فليس ذلك من باب العلم بالغيب وإنما هو من باب استغلال الوسائل التي سخرها الله للإنسان لاستكشاف ما ورائها من الأمور التي تغيب عادًة على سائر الناس.
قلت: أن هذا لا يعني مشاركة الله في الغيب من ناحيتين هذه إحداهما، والأخرى: أن الله تبارك وتعالى حينما قال: {وَيَعْلَمُ مَا في الأَرْحَامِ}(لقمان: ٣٤) أي: هو وحده فقط يعلم تفصيليًا، فإن استطاع العلم مثلًا أن يكتشف هوية الجنين هل هو ذكر أو أنثى ولكن هو لا يستطيع أن يحيط علمًا بهذا الجنين مثلًا هل هو سيكون كاملًا أم يكون ناقصًا؟ يعني: خلقه يكون تامًا أم ناقصًا، ثم يعلم ما في الأرحام قبل أن تعلق العلقة هناك أو البويضة كما يقولون بمني الرجل، فمجرد أن يقذف الرجل بمائه في رحم المرأة فالله عز وجل يعرف أن هذا الماء سينعقد أو لا، وإذا انعقد سيكون ذكرًا أو أنثى، وإذا كان ذكرًا أو أنثى هل سيكون خلقه تامًا أم لا، هل سيكون سعيدًا أم شقيًا أم أم إلى آخره، هذه التفاصيل مستحيل على العلم