للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك وقعت لي حادثة منذ عشر سنوات في حلب التي هي في شمال دمشق، وكان من عادتي أن أسافر إليها في سبيل الدعوة كل شهر أياماً، فبعد أن ألقيت الكلمة أو المحاضرة وانفض الناس عادةً يتخلف ويتأخر بعض الإخوان المقربين، ثلاثة أربعة لكن بقي أحدهم ما رأيته حتى في الجلسة ما تنبهت له، لأن الجلسة تكون عامرة لكن لما انصرفوا بقي ثلاثة أربعة ممن نعرفهم فهو برز أمامي بشخصه المجهول عندي، ثم لفت نظري شيء ناتئ هكذا، وهو نحيف وليس بدين مثلي .. مع كونه نحيل بطنه خارج، ما هذا يا أخي؟ قال: هذه الرحمانية ولأول مرة أسمع بها، قلت له: ما معنى الرحمانية؟ قال: يعني: الشيش، فهمت حينئذ أنه صوفي، قلت له: تريد تورينا بشيشك كرامة؟ قال: نعم، وسبحان الله! يومئذٍ كنت أحمل موسى كموسى والدي موس صغير له طرفين, قلت له: لا تحتاج إلى شيش ... لكن ما رأيك أن أضربك بهذه الموسى بيدي؟ قال الخبيث: لا، بيدي، قلت له: لا، بيدي، وما يسمع الحاضرون إلا هذه الكلمة تتكرر من كلينا، هو يقول: بيدي، وأنا أقول: بيدي، بيدي بيدي حتى أزعجته وأمللته، قال: ما الفرق؟ قلت له: ما دام ما في فرق فبيدي، بهت الرجل ولف ودار في الكلام ونادى صاحب البيت، قال: يا أبو أحمد! هات المنقل،- تبع الفحم- فهمت أنا ما يريد، قلت له: تريد أن ترينا كيف النار لا يؤثر فيك؟ قال: نعم، قلت له: يا أبو أحمد! لا تأتي بالمنقل ائت فقط بكبريت، سبحان الله! ما أسرع ظهور الباطل!

أتى بكبريت الرجل فهو واضع حطة هكذا .. هو بعيد قليلاً عني فقمت إليه، هو جالس في مقعده ... ، أشعلت الكبريت وقلت له: سترجع عن ادعاء الباطل أو أحرقك، مسكين وجهه وجم فما نطق ولا بكلمة، كيف؟ أبداً ما يتكلم، فبدأت أحرق الحطة تبعه فعلاً، التهبت "ففركتها" عملت لها هكذا وأصبحت هكذا فجوة

<<  <  ج: ص:  >  >>