أراد، وأنه يتكلم معهم، وأنه يسمع كلامهم، وأنهم ينصحونه ويدلون على مرض هذا الممسوس وعلى العلاج وما شابه ذلك فهذا هو العراف الذي نهى الرسول عليه السلام عن إتيانه، وهو من الاستعانة بالجن المنهي عنها بمثل قوله تعالى حكاية عن لسان الجن الذين آمنوا بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، قالوا:{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}(الجن: ٦) أي: تعباً وضلالاً ومقتاً، فحينئذٍ لا يجوز الذهاب إلى مثل هذا الكاهن أو العراف، لأنه من باب أو لأن ذلك يكون على مذهب أبي نواس:
وداوني بالتي كانت هي الداء
يعني: يطلب شرب الخمر، هكذا يكون شأن هذا الإنسان المصاب بالمس من بعض الجان حينما يأتي بعض الناس للاستشفاء على يده وهو يستعين بالجن، وليس فقط يتلو على الجني المتلبس بالإنسي آيات من القرآن كما ذكرنا أو من التعاويذ الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فإخراج الجن بهذه الطريقة القرآنية أمر جائز ومفيد؛ لأنه من باب قوله عليه السلام:«من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل» أما ما سوى ذلك غير التلاوة القرآن والأدعية الواردة عن الرسول عليه السلام فهو تدجيل في تدجيل، فلا يجوز الإتيان، وحينئذٍ نقول لمن كان مبتلى أن يقصد إلى مثل إنسان صالح معروف أنه يقرأ على الجني، ويمكن أن ربنا عز وجل يفيد الممسوس بمثل هذه القراءة، فإن لم يستفد فحسبه الله، لأن الله عز وجل يَبتلي عباده بما يشاء، وكثير من الأمراض يُصاب بها بعض الناس وتستعصي هذه الأمراض على الأطباء جميعاً، ويعيش ويعيش ويعيش، ثم يأتيه اليقين بهذا المرض، يموت به، لكن يسعى إلا أن سعيه يجب أن يكون سعياً مشكوراً.