للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال الإمام]:

الحديث صحيح المعنى، دون قوله: فإن فيها خليفة الله المهدي فقد أخرجه ابن ماجه (٢/ ٥١٧ ـ ٥١٨) من طريق علقمة عن ابن مسعود مرفوعا نحورواية ثوبان الثانية، وإسناده حسن بما قبله، فإن فيه يزيد بن أبي زياد وهو مختلف فيه فيصلح للاستشهاد به، وليس فيه أيضا ذكر خليفة الله ولا خراسان، وهذه الزيادة خليفة الله ليس لها طريق ثابت، ولا ما يصلح أن يكون شاهدا لها، فهي منكرة كما يفيده كلام الذهبي السابق، ومن نكارتها أنه لا يجوز في الشرع أن يقال: فلان خليفة الله، لما فيه من إيهام ما لا يليق بالله تعالى من النقص والعجز، وقد بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقال في " الفتاوى " (٢/ ٤٦١): وقد ظن بعض القائلين الغالطين كابن عربي، أن الخليفة هو الخليفة عن الله، مثل نائب الله، والله تعالى لا يجوز له خليفة، ولهذا قالوا لأبي بكر: يا خليفة الله! فقال: لست بخليفة الله، ولكن خليفة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، حسبي ذلك بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره، قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا، واخلفنا في أهلنا»، وذلك لأن الله حي شهيد مهيمن قيوم رقيب حفيظ غني عن العالمين، ليس له شريك ولا ظهير، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف بموت أو غيبة، ويكون لحاجة المستخلف، وسمي خليفة، لأنه خلف عن الغزو وهو قائم خلفه، وكل هذه المعاني منتفية في حق الله تعالى، وهو منزه عنها، فإنه حي قيوم شهيد لا يموت ولا يغيب ... ولا يجوز أن يكون أحد خلفاً منه ولا يقوم مقامه، إنه لا سمي له ولا كٌفء، فمن جعل له خليفة فهو مشرك به.

"الضعيفة" (١/ ١٩٥، ١٩٧ - ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>