للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باعتبار ما يتعلق بحياته كما قال عليه الصلاة والسلام: «خيركم من طال عمره وحسن عمله وشركم من طال عمره وساء عمله» (١).

فإذن حب الوطن أمر غريزي في الناس؛ ولذلك قال تعال في حق اليهود: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ} (النساء:٦٦) لماذا؟ لأن الإنسان يتعلق بوطنه، فالتعلق بالوطن أمر غريزي، أمر طبيعي، ولكن حب الوطن لا لذاته، لا لأن أرضك فلسطين، فأنت بتحب فلسطين ديناً، لا، بحت أصوات الدعاة الإسلاميين بالتفاخر أن من كمال الإسلام وعظمته أن كل بلاد الإسلام هو وطن واحد، صح ولَّا لا؟ هذا من الناحية الإسلامية، أما من الناحية الغريزية الطبيعية المفطورة، الواحد مش بيحب الوطن فلسطين، بيحب البلدة التي ولد فيا، بيحب الحارة، المحلة التي ولد فيها، هذا له علاقة يا أخي بالإيمان؟ هذا له علاقة بطبيعة الإنسان، ولذلك فيجب أن نفرق بين كون حب الشيء غريزة، طبيعة، فطرة، وبين كون الشيء من الإيمان. ظهر لك الفرق الآن؟ آه ...

بدي أرجع أنا لحديثك، صحيح أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما عزم على الهجرة من مكة إلى المدينة توجه إلى مكة وقال: أما إنك انتبه بقية الحديث أيش يختلف الأمر عن المعنى اللي دار في ذهنك خطأ، خطأ، الحديث ليس له علاقة بحب الوطن أي وطن، كان له علاقة بحب خير بلاد الله، قال عليه السلام: «إنك أحب بلاد الله إلي الله وأحب بلاد الله إلي، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت» (٢)، ليه؟ لأنه وطنه؟ لا؛ لأنه خير بلاد الله، ولأن هذه مكة أحب البلاد الله إلى الله، بالتالي أحب بلاد الله إلى رسول الله.


(١) "صحيح الجامع" (رقم٣٢٩٧).
(٢) "صحيح الجامع" (رقم٧٠٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>