وتعالى ينظر أيضًا إلى أعمالهم، فإن كانت صالحة قبلها وإلا ردها عليهم كما تدل على ذلك عديد من النصوص كقوله صلى الله عليه وسلم:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"
والحقيقة أنه لا يمكن تصور صلاح القلوب إلا بصلاح الأعمال، ولا صلاح الأعمال إلا بصلاح القلوب. وقد بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمل بيان في حديث النعمان بن بشير:" .... ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، إذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهى القلب "(الحديث٥٩٣). وحديثه الآخر:" لتسوُّنَّ صفوفكم أوليخالفن الله بين وجوهكم".أي قلوبكم (الحديث١٠٩٦). وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال". وهو وارد في الجمال المادي المشروع خلافا لظن الكثيرين ..
وإذا عرفت هذا , فمن أفحش الخطأ الذي رأيته في هذا الكتاب: "الرياض" في جميع نسخه المخطوطة والمطبوعة التي وقفت عليها، أن الزيادة المذكورة قد استدركها المصنف - رحمه الله تعالى- في الحديث (١٥٧٨) لكن قلمه أو قلم كاتبه انحرف بها فوضعها في مكان مفسد للمعنى. فوقعت فيه هكذا:" .... ولا إلى صوركم وأعمالكم , ولكن ينظر ... " وانطلى ذلك على جميع الطابعين والمصححين والمعلقين، ولا أستثنى من ذلك مصححي الطبعة المنيرية ولا غيرها. بل لقد انطلى أمرها على الشارح ابن علان نفسه , فشرح الحديث على القلب! فقال:(٤/ ٤٠٦): "أي أنه تعالى لا يرتب الثواب على كبر الجسم , وحسن الصورة، وكثرة العمل"! وهذا الشرح مما لايخفى بطلانه لأنه مع منافاته للحديث في نصه الصحيح , معارض للنصوص الكثيرة من الكتاب والسنة الدالة على أن تفاضل العباد في الدرجات في الجنة إنما هو بالنسبة للأعمال الصالحة