للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من .. الأحاديث التي كنت أنا وغيري في غفلة عنها أومنها ولم نتنبه لها إلا بعد أن هدانا الله تبارك وتعالى إليها: حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: «كنا إذا سافرنا مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فنزلنا منزلاً من تلك المنازل في الوديان والشعاب تفرقنا فيها».

وإذا كان التفرق في مجالس العلم حقيقة واقعة، ولكنها مرة، فأولى وأولى أن يتفرقوا في الصحراء حينما ينزلون بعض المنازل، مع ذلك لم يرض ذلك لهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال لهم ذات يوم:

«إنما تفرقكم في هذه الوديان والشعاب من عمل الشيطان» (١).

أمر عجيب تفرق لا يلاحظ فيه تباعد بين القلوب؛ لأن أصحاب الرسول عليه السلام كانوا بحق إخواناً على سرر متقابلين، مع ذلك فنبينا صلوات الله وسلامه عليه يقول لهم: «إنما تفرقكم هذا من عمل الشيطان».

يعني: بذلك أنه من عمل الشيطان الذي قد يؤدي بالأحبة المتوادين المتحابين إلى التباعد وإلى التنافر، ومن أجل ذلك وصف الله عز وجل أن شرب الخمر هو من عمل الشيطان؛ لأنه يلقي العداوة والبغضاء بين الناس.

قال أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه: «فكنا بعد ذلك إذا نزلنا منزلاً اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا».

في الصحراء لو اجتمعنا على بساط لوسعنا، إذا كان هذا في ذاك المجلس فأولى وأولى أن يكون الناس مجتمعين في مجالس العلم، وألا يكونوا عزين متباعدين متفرقين؛ لأن الظاهر عنوان الباطن.


(١) صحيح الجامع (رقم٢٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>